الصوم مدرسة الرجال خطبة الجمعة القادمة 19 رمضان ، للشيخ عبد الناصر بليح
الصوم مدرسة الرجال ، خطبة الجمعة القادمة للشيخ عبد الناصر بليح ، بتاريخ 19 من رمضان 1440 هـ ، الموافق 24 مايو 2019م.
الصوم مدرسة الرجال 24/5/2019 وعناصرها:
لتحميل خطبة الجمعة القادمة الصوم مدرسة الرجال بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة الصوم مدرسة الرجال بصيغة pdf أضغط هنا.
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة الصوم مدرسة الرجال كما يلي:
عناصر الخطبة الصوم مدرسة الرجال :
1- ماهي الرجولة؟
2- الرجولة في القرآن الكريم .
3- الرجولة في السنة المطهرة .
4- الصوم مدرسة الرجال .
5- نماذج للرجال الأبطال.
الحمد لله رب العالمين .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وحبيبه وخليله: “وزن بعشرة رجال من أمته فوزنهم، ووزن بمائة من أمته فوزنهم، ولو وزن بكل أمته لوزنهم”(صحيح). صلى الله عليه، وعلى أله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلي يوم الدين..
أما بعد فيا عباد الله: “مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا”(الأحزاب:23).
إخوة الإسلام سنقف وإياكم اليوم مع الصوم وصناعة الرجال والرجولة.
نتكلم عن الرجال والرجولة في زمنٍ فقدت الأمة أخلاق الرجولة، وصرنا نرى أشباه الرجال ولا رجال، غثاءً كغثاء السيل.
أو كما قال الشاعر:
يثقلون الأرض من كثرتهم *** ثم لا يُغنون في أمر جلل
نتكلم عن الرجال والرجولة في زمنٍ صدق فينا قول القائل: “يا له من دين لو كان معه رجال”. نتكلم عن الرجال والرجولة، والأمة اليوم بحاجة إلى رجال يحملون الدين وهمّ الدين ويسعون جادّين لخدمة دينهم وأوطانهم شعارهم قوله تعالى اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين.
و إن خير ما تقوم به دولة لشعبها، وأعظم ما يقوم عليه منهج تعليمي، وأفضل ما تتعاون عليه أدوات التوجيه كلها من صحافة وإذاعة، ومسجد ومدرسة، هو صناعة هذه الرجولة، وتربية هذا الطراز من الرجال.
معني الرجولة وما الفرق بين الرجل والذكر؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عباد الله: أختلف الناس في تفسير معنى الرجولة فمنهم من يفسرها بالقوة والشجاعة، ومنهم من يفسرها بالزعامة والقيادة والحزم، ومنهم يفسر الرجولة بالكرم وتضييف الضيوف، ومنهم يقيسها بمدى تحصيل المال والاشتغال بجمعه، ومنهم من يظنها حمية وعصبيةً جهلاء، ومنهم من يفسرها ببذل الجاه والشفاعة وتخليص مهام الناس بأي الطرق كانت…
#لكن الرجولة بمفهومها الصحيح ومعناها الحقيقي هو ما ذكره الله تبارك وتعالى في ثنايا كتابه الذي: “لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ”(فصلت:42).
#عباد الله: لا بد أن نعلم أن هناك فرقٌ بين الرجل والذكر، فكل رجل ذكر، وليس كل ذكر رجل، ما أكثر الذكور لكن الرجال منهم قليل، ولقد جاءت كلمة (ذكر) في القرآن الكريم غالباً في المواطن الدنيوية التي يجتمع فيها الجميع، مثل الخلق وتوزيع الإرث وما أشبه ذلك، أما كلمة رجل فتأتي في المواطن الخاصة التي يحبها الله تعالى، ولذلك كان رسل الله إلى الناس كلهم رجال قال تعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا”(يوسف/109).
الرجولة في القرآن الكريم :”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عباد الله وقد تحدث القرآن الكريم عن الرجولة في العديد من الآيات البينات مبيناً صفاتهم ..قال تعالي:” لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التقوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ ۚ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا ۚ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ”(التوبة/108).
الرجولة في السنة المطهرة :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عباد الله وقد بين لنا الرسول صلي الله عليه وسلم من هم الرجال في كثير من النماذج النبوية والهدي الشريف يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: “سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إِمامٌ عادِلٌ، وشابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّه تَعالى، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ معلق بالمَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه: اجتَمَعا عَلَيهِ، وتَفَرَّقَا عَلَيهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ، وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخافُ اللَّه، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأَخْفَاها، حتَّى لا تَعْلَمَ شِمالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينهُ، ورَجُلٌ ذكر الله خالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ”(متفقٌ عَلَيْهِ).
الصوم مدرسة الرجال :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
#عباد الله الرجولة: قوةٌ في القول، وصدعٌ بالحق، كلمة حق عند سلطان جائر، قال الله تعالى: “وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ”(غافر:28).
ويتعلم المسلم من الصيام المراقبة وأن الله عز وجل مطلع علي الجميع وهو مقام الإحسان :” أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ” فالمسلم لا يخشي سوي رب العالمين المطلع علي السرائر يعلم السر وأخفي والجهر وما يخفي وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون عليم”
#عباد الله الرجولة:
صمودٌ أمام الملهيات، واستعلاء على المغريات، حذراً من يوم عصيب يشيب فيه الولدان وتتبدل الأرض غير الأرض والسماوات، قال الله تعالى: “رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ”(النور:37). والصائم الذي استغني عن المفطرات والشهوات والملذات من طلوع الفجر الصادق إلي غروب الشمس وكما يقول أمير الشعراء أحمد شوقي في كتابه “سوق الذهب” عن رمضان “الصوم حرمان مشروع وتأديب بالجوع وخشوع لله وخضوع لكل فريضة حكمة”
#عباد الله الرجولة:
رأيٌ سديد، وكلمة طيبة، ومروءةٌ وشهامةٌ، وتعاون تضامن. والصيام يعلم المسلم كيف ومتي يتكلم أمسك عليك لسانك ويقول صلي الله عليه وسلم :”وإن سابه أحد او شاتمه فليقل إني صائم إني صائم يقولها مرتين مرة يذكر نفسه ومرة يذكر من أمامه أنه صائم والصائم لا يهزي ولا يتفوه بألفاظ بذيئة وتلك هي الرجولة :”إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفاسفها”
عباد الله الرجولة: ليست هي تطويل الشوارب ورفع الصوت والصياح وليست عرض للقوة والعضلات. وإنما الرجولة هي ضبط النفس وكبح جماحها ..
وهكذا هو الصائم الذي كبح جماح نفسه ونهاها عن الظلم وعن التعدي علي اعراض الناس وحقوقهم وممتلكاتهم يقول صلي الله عليه وسلم: “ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب”(متفق عليه).
الرجال: لا يُقاسون بضخامة أجسادهم وبهاء صورهم، وقوة أجسامهم فعن علي بن أبي طالب قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن مسعود فصعد على شجرةٍ أمره أن يأتيه منها بشيء فنظر أصحابه إلى ساق عبد الله بن مسعود حين صعد الشجرة فضحكوا من دقة ساقيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أتعجبون من دقّة ساقيه؟! إنّهما أثقل في الميزان من جبل أحد”(أحمد وصححه ابن حبان).
#عباد الله الرجال:
هم الذين يعلمون علم اليقين أن حال الأمة لا يمكن تغييره إلا بصلاح الأفراد وإيجاد الرجال، قال تعالى: “إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ”(الرعد:11). فالله عز وجل يبين لنا أن الطريق إلى التغيير والانتصار يبدأ من الانتصار على النفس الأمارة بالسوء في زمن كثرت فيه الملذات وانتعشت فيه الشهوات، فالصيام خير معين للفرد لتجاوز هفوات وعثرات النفس التي قال فيها الحق عز وجل: إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي “(يوسف/53). أو التي قال عنها الفقيه والعارف بالله سفيان الثوري :”ما عالجت أمرا أشد علي من نفسى”، وقال عنها أيضا الحسن البصري: “ما الدابة الجموح بأجوج إلى اللجام من نفسك”.
فالسنة الربانية تؤكد أن تغيير الأمة نحو الأحسن مرتبط بتغيير الأنفس تغييراً جذريا من الشك إلى الإيمان الجازم، ومن الشرك والأوهام والخرافات إلى توحيد الله الخالص في ربوبيته، وألوهيته، ومن هزيمة الأنفس إلى عزيمتها وقوتها وإرادتها الصلبة المعتمدة على الله تعالى والمستعدة للتضحية بالغالي والنفيس من أجل حياة الأمة وعزتها، ومن تعظيم غير الله إلى تعظيم الله وحده.
هو ذا الصيام الذي يرجع العبد إلى طبيعته الخيرية التي خلقه الله تعالى عليها فيقوي فيه جانب الروح والعقل والجسد. ومدرسة الصوم تخرج فيها رجال غيروا الباطل لحق والفساد لصلاح فالمسلم الذي تخرج من مدرسة الصيام وقد غير سلوكه وجدد طباعه فالصوم مدرسة في التربية والتقرب إلى الله تعالى، به يصل المؤمن والمؤمنة إلى رضا الله تعالى، فيبتعد عن سخطه وغضبه،
#عباد الله: إن من صفات الرجولة التعلق بالمساجد والصلاة فيها قال تعالى: “لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ”(التوبة: 108) ما هي أهم صفة من صفاته؟ “فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ”. ويقول صلي الله عليه وسلم من صفات السبعة الذين يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله: “ورجل قلبه معلق بالمساجد “
قال بعض الصالحين:
“يبيعون ويشترون هؤلاء الرجال ولكن كان أحدهم إذا سمع النداء وميزانه في يده خفضه وأقبل إلى الصلاة”، ومر عمرو بن دينار – رحمه الله – ومعه سالم بن عبد الله قال: “كنت مع سالم بن عبد الله ونحن نريد المسجد، فمررنا بسوق المدينة وقد قاموا إلى الصلاة، وخَمَّروا متاعهم، فنظر سالم إلى أمتعتهم ليس معها أحد فتلا هذا الآية: “رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ” ثم قال: هم هؤلاء” هؤلاء الذين عنى الله بقوله في هذه الآية، هؤلاء الذين قدموا مراد الله على مراد أنفسهم، وآثروا طاعة الله على المتاع الدنيوي الزائل، آثروا الاستجابة لهذا النداء العلوي الرباني: حي على الصلاة، حي على الفلاح؛ على نداء الجشع والطمع الذي يثيره الشيطان، والنفس الأمارة بالسوء.
وشهر الصوم هو المدرسة التي يتزاحم فيها الرجال علي مساجد الله يرجون رحمة الله ويخشون عذابه ويخشون سوء الحساب فأين مكان أولئك الرجال؟! أين مكانهم؟! هل هم في الأندية أو في الحفلات؟! هل هم في الأسواق يمرحون ويسرحون؟! هل هم في المجتمعات الفارغة التي تُفْرِغ الرجولة من معانيها؟! كلا أيها المسلمون “فِيهِ رِجَالٌ” في هذا المسجد رجال. رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا” يأتون إلى المسجد على طهارة، والله يحب هؤلاء الرجال الذين من صفتهم الطهارة ظاهراً بالنظافة والنقاء والمحافظة على الوضوء والطهارة الباطنة من أدران المعاصي والحقد والحسد والبغضاء: “وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ”
و القيام بالفرائض: يقول تعالى في الحديث القدسي: “ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه”(البخاري).
فما تقرب أحدٌ إلى الله بشيء أحب إليه مما افترضه عليه جل جلاله.
ومدرسة الصوم هي التي ترتبط بالصيام والقيام :” من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر لا له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه”(صحيح). الرجولة لا تُبنى في الأسواق والمقاهي، إنما تبنى في بيوت الله التي فيها رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين، فيها رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله.
فمن صفات الرجال “قيام الليل”:
يقول عبد الله بن عمر رضي الله عنه رأيت كأن ملكين أخذاني، فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية؛ كطي البئر، وإذا لها قرنان – يعني كقرني البئر – وإذا فيها أناس قد عرفتهم، فجعلت أقول أعوذ بالله من النار، قال: فلقينا ملك آخر. فقال: لم ترع فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة رضي على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل”(متفق عليه)، فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلاً. ورمضان مدرسة للقيام وللرجولة
يمشون نحو بيوت الله إذا سمعوا*** الله أكبر في شوق وفي جذل
أرواحهم خشعـــت لله في أدب ***قلوبهم من جلال الله في وجل
نجواهم ربنا جئنــــــاك طائعة*** نفوسنا وعصيانا خادع الأمل
إذا سجى الليل قاموه وأعينهم*** من خشية الله مثل الجائد الهطل
هم الرجال فلا يلهيهـــــم لعب ***عن الصلاة ولا أكذوبة الكسل
#عباد الله ومن صفات الرجال أنهم دائماً لسانهم يلهج بذكر الله تعالى وإقام الصلاة وترك ما يلهي عنها قال تعالي: “فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَار”(النور/36-37).
فمن صفات الرجال ذكر الله مع البكاء من خشيته فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من السبعة الذين يظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله. “ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه”( البخاري ومسلم).وفي مدرسة الصوم يكثر المسلم من الدعاء ومن ذكر الله ومن الشكر قال تعالي :” ولعلكم تشكرون”(البقرة).
#عباد الله و من صفات الرجولة
“الصدق مع الله والثبات على المنهج الرباني: فمن صفات الرجال: أنهم يثبتون على المنهج الرباني الذي أنزله الله عز وجل قال الله عز وجل مادحاً صنفاً من أصناف الرجال: “مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ”(الأحزاب: 23)، عاهدوا الله ثم صدقوا في الوعد، صدقوا ما عاهدوا الله على هذا المنهج، استمروا عليه، تشبثوا به، وساروا غير مضطربين ولا متحيرين، لا تعيقهم العوائق، ولا تقف أمامهم الصعوبات ولا الشهوات، ولا الشبهات التي يثيرها أعداء الإسلام.
وفي مدرسة الصوم يتعلم المسلم الصدق في القول والعمل من خلال شهر كامل ما بدلوا ولا غيروا ولا انحرفوا، بل هم مستقيمون على هذا المنهاج، ينتظرون أمر الله تعالى أن يتوفاهم وهم سائرون على هذا الدرب مستقيمون عليه، لا يلوُون على شيء إلا مرضاة ربهم عز وجل. فالله الله في الصدق معه، فإنه بقدر صدقك يمنحك الله الثبات في الأقوال والأفعال والتصرفات، ويحرسك بعين رعايته.
#عباد الله ومن صفات الرجال الحب في الله :
” جاء في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وذكر” رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه”، فالرجولة أن تحب في الله ولله ومن أجل الله لا من أجل الدنيا ، وأغراض الدنيا ،فاللهم اجعلنا متحابين فيك يا رب العالمين واجمعنا في الجنة على سررٍ متقابلين. وفي مدرسة رمضان نجد موائد الخير والبر ومجالس الذكر والعلم والألفة والمحبة والتزاور بين الناس..
#عباد الله ومن صفات الرجولة:
“العفة والعفاف عن الحرام “فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من السبعة الذين يظلهم في ظله: “ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله “إذاً الرجولة في العفة والعفاف واجتناب ما حرم الله.
والصوم يكبت الشهوات والملذات ويربي رجالاً علي الغفة والطهارة ففي الحديث القدسي: “يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي فالصوم لي وأنا أجزي به”(صحيح). #عباد الله ومن صفات عباد الله: الصدقة في وجوه الخير مع تحري السر فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من السبعة الذين يظلهم في ظله “ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه”(البخاري ومسلم).
وفي الصيام يكون الصائم كريماً جواداً كما روي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ”(البخاري).
فليست الرجولة في جمع الأموال وتخزينها:
إنما الرجولة في الإنفاق في سبيل الله، الرجولة أن نقدم لأنفسنا صدقات تبيض وجوهنا يوم نقف بين يديه، ابن ادم يقول مالي ما لي وليس له من ماله إلا ما أكل فأفنى ولبس فأبلى وتصدق فأبقى. “فاتقوا النار ولو بشق تمرة”. وفي رمضان من فطر صائماً كان له من الأجر مثل أجره قالوا يا رسول الله ليس منا من يجد ما يفطر به الصائم قال :” يعطي الله هذا الأجر وهذا الثواب لمن فطر صائماً ولو علي تمرة أو شربة ماء أو مذقة لبن”(ابن خزيمة في صحيحه).
#عباد الله ومن صفات الرجال ” الصبر على الشدائد”
عن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، فقلنا: ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا.
فقال: “قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه فما يصده ذلك عن دينه، والله لَيَتِمَنَّ هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون”( (البخاري). ورمضان مدرسة الصبر كما قال صلي الله عليه وسلم :” وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة” (ابن خزيمة في صحيحه).
#عباد الله ومن صفت الرجال الأمانة والقناعة والحكمة
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “كان فيمن كان قبلكم رجل اشترى عقارًا فوجد فيها جرة من ذهب فقال: اشتريت منك الأرض ولم اشتر منك الذهب. فقال الرجل: إنما بعتك الأرض بما فيها، فتحاكما إلى رجل فقال: ألكما ولد؟ فقال أحدهما: لي غلام، وقال الآخر: لي جارية، قال: فأنكحا الغلام الجارية وأنفقا على أنفسهما منه وليتصدق”( ابن ماجه وصححه الألباني).
فسبحان الله كيف كانت أمانة المشتري وقناعة البائع وحكمة القاضي بينهما!! ومدرسة الصوم أخوة الإيمان والإسلام تخرج رجالاً صفتهم الأمانة يقول صلي الله عليه وسلم :”إن الصوم أمانة، فليحفظ أحدكم أمانته”( الخرائطي وإسناده حسن).
#عباد الله من صفات الرجال :” السماحة”
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أدخل الله الجنة رجلاً كان سهلاً بائعًا ومشتريًا”(ابن ماجة).فالسماحة في البيع والشراء والاقتضاء تحتاج إلى رجل، فكم رأينا من يبيع ويعود في بيعه من أجل أموال قليلة أو يبيع على بيع أخيه. والصوم مدرسة الأخلاق الحميدة ومكارم الأخلاق :” وإن سابه أحد أو شاتمه فليقل إني صائم إني صائم ” (صحيح).
الخطبة الثانية من الصوم مدرسة الرجال ، و الصوم مصنع الرجال :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين. أما بعد فيا عباد الله لازلنا نواصل الحديث حول الصوم مدرسة الرجال ..
نماذج من الرجال:”
#عباد الله: عند الأزمات تشتد الحاجة لوجود الرجال الحقيقيين، عند الفتن نحتاج إلى رجال يثبتون على الحق ويدافعون عن الحق ولا يخافون في الله لومة لائم. وعنوان الرجولة تتجلى في محمد صلى الله عليه وسلم الذي علم الرجال وربى الرجال وهو الذي قال: “والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن اترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو اهلك فيه ما تركته”(سيرة ابن هشام 1/150).
عباد الله :
لم تر الدنيا الرجولة في أجلى صورها وأكمل معانيها كما رأتها في تلك النماذج الكريمة التي صنعها الإسلام على يد رسوله العظيم، من رجال يكثرون عند الفزع، ويقلون عند الطمع، لا يغريهم الوعد، ولا يلينهم الوعيد، لا يغرهم النصر، ولا تحطمهم الهزيمة. جلس عمر بن الخطاب ا إلى جماعة من أصحابه فقال لهم: تمنوا؛ فقال أحدهم: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءةٌ ذهباً أنفقه في سبيل الله، ثم قال عمر: تمنوا، فقال رجل آخر: أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤاً وزبرجداً وجوهراً أنفقه في سبيل الله وأتصدق به، ثم قال: تمنوا، فقالوا: ما ندري ما نقول يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر: ولكني أتمنى رجالاً مثلَ أبي عبيدة بنِ الجراح، ومعاذِ بنِ جبلٍ، وسالمٍ مولى أبي حذيفة، فأستعين بهم على إعلاء كلمة الله. حاصر خالد بن الوليد (الحيرة) فطلب من أبي بكر مدداً، فما أمده إلا برجل واحد هو القعقاع بن عمرو التميمي وقال:
لا يهزم جيش فيه مثله، وكان يقول: لصوت القعقاع في الجيش خيرٌ من ألف مقاتل! ولما طلب عمرو بن العاص المدد من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في فتح مصر كتب إليه: “أما بعد: فإني أمددتك بأربعة آلاف رجل، على كل ألف: رجل منهم مقام الألف: الزبير بن العوام، والمقداد بن عمرو، وعبادة بن الصامت، ومسلمة بن مخلد”.
ميزان الرجال في شريعة الإسلام ليس المال وليس الجاه وليس المنصب إنما الأعمال الفاضلة والأخلاق الحسنة والإيمان القوي، مرّ رجلٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “ما تقولون في هذا؟” قالوا: هذا حريٌ إن خَطَب أن يُنْكح، وإن شَفَع أن يُشَفّع، وإن قال أن يُسْتمع له. قال: ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين فقال: “ما تقولون في هذا؟” قالوا: هذا حريٌ إن خَطَب أن لا يُنْكح، وإن شَفَع أن لا يُشَفّع، وإن قال أن لا يُسْتمع له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “هذا خيرٌ من ملء الأرض من مثل هذا”( البخاري).
عباد الله: هل نصف المرأة بالرجولة ؟
نعم قد نصفها بالرجولة عندما تحسن التصرف في موقف من المواقف والتي تعودها الناس أن لا تصدر إلا من الرجال.. يقولون: “فلانة وقفت وقفة رجل.. و أحيانا توصف بأنها بمائة رجل من فرط الإعجاب بها في حين تُسلب صفة الرجولة من بعض الرجال عندما يقفون وقفة لا تليق بالرجال..!!
فلو كان النساء كمن ذكــــرنا***لفضلت النساء على الرجال
وَما التّأنيث لاسم الشمسِ عَيب***ولا التذكيرُ فخرٌ للهلالي
عندما تخلى بعض الرجال و فروا أمام العدو في معركة أحد وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثبات وحده.. جاءت امرأة من المسلمين لتأخذ دور الرجولة في موقف يجب أن تتجلى فيه فأخذت سيفاً من يد أحد الفارين ووقفت وقفة رجل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والجراح تتفجر دما من جسدها ولا تبالي لما أصابها حتى أنقذت رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو يقول: “من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة ؟؟” .وها هي امرأةٌ أُخرى يموت أبوها في غزوة أُحد وهي تقول ما فعل رسول الله ؟ويقال لها مات أخوك وتقول ما فعل رسول الله؟ ولما رأت المصطفى صلى الله عليه وسلم قالت كل مصيبة بعدك جلل يا رسول الله.
إذاً الرجولة صفةٌ يحبها الله و رسوله لكل الناس رجالاً كانوا أم نساء..
#عباد الله :” الصوم مدرسة الرجال وما أحوجنا اليوم للرجال فالإسلام اليوم ينادي أصحابه وأتباعه، يقول لهم ويهتف بهم كما هتف لوط بقومه: “أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ”(هود:78).”وما أعظم هذا الدين لوكان له رجال “هذا الدين الذي تعب من أجله آدم وناح لأجله نوح ورُمى في النار الخليل وأُضجع للذبح إسماعيل وبيع يوسف بثمن بخس ولبث في السجن بضع سنين ونُشر بالمنشار زكريا وذُبح السيد الحصور يحيى وقاسى الضُّر أيوب وزاد على المقدار بكاء داود وسار مع الوحش عيسي واتهم بالسحر والجنون نبي الله الكريم وكسرت رباعيته وشج رأسه ووجهه محمد صلى الله عليه وسلم.
من اجل هذا الدين قُتِل عمر مطعوناً وذو النورين علي والحسين وسعيد بن جبير وعُذّب ابن المسيب ومالك. ترك لأجله صهيب ماله كله لقريش ،ولحق بقافلة الهجرة ،فربح بيعه ،فياله من دين. في محبته سالت دماء جعفر الزكية، وقطعت أعضاء مصعب الطاهرة، ومُثِّل بجسد حمزة الأسد ،فياله من دين .من أجله صاح ابن النضر: “واهاً لريح الجنة ،وقُطع لحم خبيب بن عدي ،وهو يقول:”
ولست أبالي حين أقتل مسلما***على أي جنب كان في الله مصرعي
مادام في ذات الإلــه وإن يشأ*** يبارك على أشلاء شلو ممزّع
لأجله صرخ قطز واسلاماه ،وأعلنها صلاح الدين :كيف اضحك والقدس أسير .
إخوة الإيمان :” الصوم مدرسة الرجال وما أحوجنا اليوم للرجال”
وأقم الصلاة.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع